کد مطلب:163912 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:186

ثورة الامام الحسین تجسید لرسالات الله
ممیزات الحركة الالهیة

ان كل حركة، وكل ثورة فی التاریخ تنطلق من أرضیة ثقافیة هی قاعدتها ومنطلقها وهدفها، وأبرز ما تتمیز به حركة الانبیاء عن غیرها انها تنطلق من قاعدة التوحید، وبعبارة أخری، انها حركات الهیة تستمد شریعتها من الرسالة الالهیة، وتستوحی برامجها من تلك الرسالة، ولكن تبقی هذه الكلمة عائمة من دون معرفة جوهر تلك الرسالات السماویة.

ان جوهر الرسالات الالهیة هی الاتصال بالله تعالی، أی التسلیم لله، ثم الایمان به ومعرفته، ومن ثم الاتصال بنوره تعالی.

ان أصحاب هذه الرسالات هم قیاداتها الشرعیة المتمثلة فی الانبیاء (ع) والائمة (ع) وأما قاعدتها فمتمثلة فی المؤمنین الصادقین الذین تتصل أرواحهم بنور الله حتی لا تعدوا الدنیا بما فیها من بهارج وزخارف واغراءات وشهوات تثیرهم، فینظرون الی الدنیا نظرة خاصة بهم تختلف عن نظرات الآخرین، فاذا نظر الناس الی الدنیا باعتبارها شیئاً ثابتاً، فهم ینظرون الیها باعتبارها معبّراً خاطفاً وجسراً لهم الی الآخرة، والدنیا بالنسبة الیهم مزرعة الآخرة -كما جاء فی حدیث الشریف- وكما ان الانسان لا ینوی البقاء فی المزرعة، وإنما ینوی أن یزرع فیها شیئاً ثم یحصده ویذهب الی بیته، كذلك هم یریدون أن یجمعوا شیئاً من حصاد أعمالهم فی هذه الدینا لتلك الرحلة الطویلة الشاقة التی یجب علیهم أن یسلكوها فی الآخرة.. قال الله العظیم:

«وتزودوا فان خیر الزاد التقوی» (197/البقرة).

فالدنیا بالنسبة الیهم سویعات تمر بالنسبة الی عمر الزمان. وقال تعالی:

«وان الدار الآخرة لهی الحیوان» (64/العنكبوت).

ولقد حوّلوا التصرف فیما یمتلكون من الدنیا الی أن یأتیهم الموت، فلا ینظرون الی أموالهم تلك النظرة الانانیة والذاتیة، وإنما المال فی أیدیهم أمانة، والاهل والاولاد ابتلاء وفتنة، والنعم بالنسبة الیهم بلاء كما النقم بلاء، وكل شیء فی الحیاة بالنسبة الیهم امتحان وابتلاء واختبار لمدی إرادتهم وصمودهم، فهم لا یقسرون أنفسهم علی هذه النظرة قسراً ولا یكرهون علیها لیقبلوها، إنما هی نظرة نابعة من عمق شعورهم ووجدانهم الحی وضمیرهم المتیقظ ومعرفتهم بحقیقة الدنیا وحقیقة الآخرة، وهذا الشعور وهذه المعرفة بدورها ناشئة باتصال أرواحهم بنور الله سبحانه وتعالی.

حینما نقول اتصال أرواحهم بنور الله، فان هذه الكلمة لا تفی بما ترید أن تعبر عنه، لان هذا الموضوع بالذات لیس مما یعبر عنه بكلمات أو بألفاظ، كیف نعبر عن النور لمن لم یجد النور، بل كیف نعبر عن النور لمن وجد النور، وأكتشفه ووصل الی كنهه.

ان أیة كلمة لا تستطیع أن تكون أوضح تعبیراً من وصول هذا الانسان الی النور ذاته، أما الذی لم یصل الی النور ولم یهتد الیه فانه كالاعمی، كلما فسّرت له كلمة النور كلما ازداد غموضاً عنده. وابتعاداً عن فهم حقیقة النور، ویسأل ما هو النور؟

وكذلك حینما نقول الاتصال بالله فان كل انسان قد وجد لحظات من الاتصال النورانی فی حیاته لا أقل لحظات العسر الشدید.. أو لحظات الانقطاع عن الدنیا.. أو لحظات التبتل.. وفی تلك اللحظات عرفنا ونعرف ماذا یعنی الاتصال بالله.